النواحى المعرفية عند الأطفال ذوى
صعوبات تعلم الرياضيات:
أجريت
بعض الدراسات العربية التي اهتمت بدراسة بعض النواحي المعرفية والوجدانية عند
الأطفال ذوو صعوبات تعلم الرياضيات. فاهتم صقر (1992) بدراسة الجوانب المعرفية
(الانتباه-الإدراك-التذكر) واللامعرفية (تقدير الذات ودافعية الإنجاز والقلق) عند
عينات من الأطفال في الصفين الثالث والرابع الابتدائي يعانون من صعوبات تعلم
القراءة والحساب (ن 37 طفلا) وعينات أخرى من الأطفال الذين لا يعانون صعوبات تعلم
القراءة والحساب (ن 118 طفلا). وأشارت نتائج الدراسة إلى أن أداء الأطفال الذين لا
يعانون من صعوبات التعلم في القراءة والحساب أفضل على نحو دال مقارنة بآداء
الأطفال الذين لا يعانون من صعوبات التعلم في القراءة و الحساب في كل من الانتباه،
الإدراك، تقدير الذات، والدافعية للإنجاز، ومن هذا المنطلق سوف يتم تناول النواحى المعرفية عند الأطفال ذوى صعوبات تعلم الرياضيات على النحو
التالى:
أ- الانتباه :
يرى بادين Badian 1983 ان العديد من
الأطفال يرتكب الكثير من الأخطاء الحسابية، مثل الأخطاء الاسترجاعية أو الأخطاء
الإجرائية (أى صعوبة استرجاع الحقائق الرياضية أو صعوبة اجراء العمليات الرياضية )
ليس بسبب صعوبة رياضية خاصة ولكن بسبب صعوبة انتباهية أكثر عمومية. وترى شاليف
وأربش وجروس تشر (Shalev,
Auerbach& Gross- Tsur, 1995) أنه من المعروف جيدا أن الأطفال ذوو النشاط الحركى الزائد المصحوب
بقصور الانتباه غالبا ما يعانون من مشكلات حسابية. في أن الأطفال ذوي الاضطرابات
الحسابية الخاصة غالباً ما يعانون من مشكلات انتباهية. ومن ثم فإن اضطراب أو خلل
الانتباه يؤدى بالضرورة إلى صعوبات في الحساب، كذلك يؤدى اضطراب بعض العمليات
الحسابية إلى اضطراب الانتباه. وتساعد دراسة الانتباه عند الأطفال ذوى العجز
الرياضى النمائى على فهم العمليات المعرفية المرتبطة بهذا الاضطراب، و من ثم
استخدامه كمحك عند تشخيص الأطفال ذوي هذا الاضطراب وعلاجهم.
ب- الذاكرة :
وتؤدى الذاكرة دورا فعالا فى تخزين المعلومات وعلاجها.
وقد وجدت دراسات عديدة أجريت على الأطفال من ذوى صعوبات التعلم بوجه عام ودراسات
أخرى على الأطفال من ذوى الأنماط الفرعية من صعوبات التعلم (القراءة – الحساب) أن
صعوبات الذاكرة العامة تشكل الأساس لصعوبات القراءة وصعوبات الرياضيات عند الأطفال
(Keeler& Lee- Swanson,2001). إضافة إلى ذلك، يرى جيرى (Geary, 1993) أن الضعف النسبى للذاكرة عند
الأطفال ذوى صعوبات تعلم الرياضيات قد يؤدى إلى مهارات إجرائية رياضية ضعيفة (يعنى
صعوبة إجراء العمليات الرياضية)، وربما إلى نمو متأخر لتمثيلات الذاكرة طويلة
المدى لحقائق الحساب. وهكذا يرتبط تعلم الحقائق الحسابية بالاحتفاظ بالأعداد فى
الذاكرة. ومن هنا تكمن أهمية دراسة الذاكرة عند الأطفال ذوى العجز الرياضى النمائى
فى استخدامها كمحك عند تشخيص الأطفال ذوى هذا الاضطراب وعلاجهم.
ج- التصور البصرى المكانى:
وقد أوضحت الدراسات النيوروسيكولوجية والمعرفية التى
أجراها رورك وآخرونRourke et at الروابط النظرية بين التصور البصرى المكانى وتحصيل الرياضيات أو
نمو المهارات القرائية Lexical Skills عند الأطفال والراشدين. وقد أشارت
نتائج تلك الدراسات إلى أن الجوانب المختلفة من التفكير الرياضى ترتبط على نحو دال
بكل من التمثيلات البصرية-المكانية و
التمثيلات اللغوية. ويؤكد جيرى (Geary, 1993) على الدور الذى تلعبه الصعوبات البصرية المكانية
فى التأثير على كل من المهارات الأدائية (على سبيل المثال، الاصطفاف العمودى فى
المشكلات الحسابية المعقدة)، والفهم المفاهيمى للتمثيلات الرياضية (على سبيل
المثال، قيمة المكان). ويؤكد جيرى أيضا أن الصعوبات البصرية المكانية لم يتم
تحديدها بعد فى الدراسات المعرفية. ويرجع ذلك إلى أن الباحثين فى هذا المجال لم
يحددوا بعد المهارات البصرية–المكانية للأطفال ذوى صعوبات تعلم الرياضيات. من هذا
المنطلق تكمن أهمية دراسة التصور البصرى-المكانى عند الأطفال ذوى العجز الرياضى
النمائى باعتباره أحد محكات التشخيص والعلاج لهذا الاضطراب.
وبوجه عام أشارت نتائج بعض الدراسات إلى ان صعوبات
التعلم الأكاديمية تؤدى بالضرورة إلى صعوبات تعلم نمائية. فى حين أوضحت دراسات
أخرى أن صعوبات التعلم النمائية تؤدى بالضرورة إلى صعوبات تعلم أكاديمية (أي أن
العلاقة بين صعوبات التعلم النمائية و الأكاديمية علاقة تفاعلية تبادلية؛ بمعنى أن
وجود إحداهما يؤدي للآخر). وبوجه خاص تشيربريانت وبريانت وهاميل (Bryant, Bryant & Hamill, 2000) إلى أن دراسة الجوانب المعرفية للأطفال ذوى العجز
الرياضي النمائي له أهمية خاصة لكل من الممارسين المهتمين بتحديد أو تقييم الأطفال
الذين يعانون من هذا الاضطراب والباحثين المهتمين بدراسة طبيعة وأسباب هذا
الاضطراب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق