أسباب نجاح آليات تدبر القرآن في
العلاج النفسي الديني:
يرجع الباحث أسباب
نجاح آليات
تدبر القرآن في
العلاج النفسي الديني إلى عدد من الأسباب منها ما يلي:
أولا:
يعد علم النفس علما احتماليا ينطوي على الخطأ والصواب والحق والباطل، ولن ينقذه من
هذا المصير سوى جعله يصدر عن مصدر يقيني، إذ أن التأصيل الإسلامي لعلم النفس يجعل
هذا العلم يصدر عن مصدر يقيني ويقدم علما يقينا وليس احتماليا، وبالتالي الاستناد
إلى آليات
تدبر القرآن في
العلاج النفسي الديني ومعالجة المشكلات المعاصرة يعد
أمر ضروريا [1].
ثانيا:
إن استخدام إستراتجيات التعامل الديني الإيجابية مثل طلب المساندة الروحية،
والتسامح، والصلاة ارتبطت بتراجع الشكاوى السيكوسوماتية وزيادة النمو النفسي
والروحي[2].
ثالثا:
أظهرت الدراسات الأثر الإيجابي للدين والتدين في التعامل مع الاضطرابات النفسية
المنتشرة والمؤثرة على المجتمعات في الوقت الحالي[3]
رابعا:
الإنسان المؤمن يتمسك بكتاب الله لاجئاً إليه دائماً ، فهو بالنسبة له خير مرشد في
تحقيق الاستقرار النفسي له. فمهما قابله من مشاكل وواجهه من محن فإن كتاب الله
وكلماته المشرقة بأنوار الهدى كفيلة بأن تزيل ما في نفسه من وساوس ، وما في جسده
من آلام وأوجاع ، ويتبدل خوفه إلى أمن وسلام ، وشقاؤه إلى سعادة وهناء كما يتبدل
الظلام الذي كان يراه إلى نور يشرق على النفس ، ويشرح الصدر، ويبهج الوجدان . ،
قال تعالى : (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
[الرعد:28] إذن علينا أن نتمسك بكتاب الله ونقتدي به ، ونتدبر في آياته البينات ،
ونتأمل في كلماته التي لا تنفد أبداً ، قال تعالى : (قل لو كان البحر مداداً
لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً) [الكهف:109]
حتى نتحلى بالإيمان الكبير في هذه الرحلة الروحية مع آيات الله فنتزود بما جاء به
القرآن الكريم من خلق عظيم ، وأدب حميد ، وسلوك فريد ، ومعرفة شاملة بحقيقة النفس
الإنسانية كما أرادها الله عز وجل أن تكون ، وترتقي حيث الحب والخير والصفاء
والنورانية ، فننعم بالسلام الروحي الممدود ، والاطمئنان القلبي المشهود والأمن
النفسي المنشود.
خامسا:
يتضمن الدين الإسلامي مصادر هامة للتنشئة الاجتماعية تهدف إلى تعديل الاتجاهات
وغرس القيم الفاضلة. ومما لا شك فيه أن لهذه القيم أثر كبير في حياة الفرد لأنها
تنظم حياته وتمده بمجموعة من المعايير توجه سلوكه الشخصي والاجتماعي، كما
أنها تزوده بطاقات وجدانية تساعده على تقبل صعوبات الحياة والخروج من أزماتها[4]
.
سادسا:
سبق القرآن المعرفة البشرية بإعلائه قيمة العقل وتمييز أهله عن غيرهم؛ حين قصر
سبحانه وتعالى الانتفاع بالذكر والموعظة والتدبر على أصحاب العقول، فقال عز وجل: {وما
يذكر إلا أولوا الألباب} [البقرة: 269]. وقال عز وجل: {لقد
كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} [يوسف: 111] وغيرها من الآيات.
سابعا:
يعتمد الدين الإسلامي على مجموعة من الثوابت؛ منها أركان الإيمان: وهي الإيمان
بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر والقدر خيره وشره ،ما ورد في سورة البقرة
الآية 283" آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ
وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ
وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ۚ
وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ
الْمَصِيرُ". ونجد في رحاب كل منها
تربية نفسية إن أحسن شرح هدفها والتدريب عليها. ويؤدي الالتزام بها إلى تشكيل فلسفة
عامة تقينا الاضطرابات النفسية. وتطبيق هذه القناعات يزيد الصلابة النفسية كما
تؤكد النظرية المعرفية التي تقوم على أساس أن السلوك تابع للأفكار؛ حيث تؤثر
أفكارنا تجاه الأحداث على مشاعرنا العالم الخارجي وتغير سلوكنا[5]
. إن
تدبر القران الكريم يدعم أركان الإيمان لدى الفرد والتي تحميه من بعض أسباب
الاضطرابات النفسية؛ مثل: الصراع: وهو تعرض الفرد لقوى متساوية تدفعه في وجهات
متعددة بحيث يصبح عاجزا عن اختيار وجهة معينة. ويشعر الفرد في مثل هذا الموقف
بالضيق والتوتر لعجزه عن الاختيار ، والإحباط: الذي هو حالة انفعالية تشمل التوتر
والقلق تنتج عن مواجهة الفرد عائقا أو عقبة تحول بينه وبين إشباع دافع أو أكثر،
والقلق والذي هو خبرة انفعالية غير سارة يعاني منها الفرد عندما يشعر بخوف أو
تهديد من شيء دون أن يستطيع تحديده تحديدا واضحا[6]. وهكذا نرى أن أركان الإيمان هي أسس لتربية نفسية
قوية سهلة وبسيطة في ذات الوقت وتقدم وقاية من الاضطرابات النفسية
[1] نحو بناء نظرية إسلامية في النمو الإنساني،
عماد الشريفين، عمان: عماد الدين للنشر
والتوزيع.، 2010،ص16
[2] Pargament, K. I., Smith, B. W., Koenig, H. G., &
Perez, L. (1998). Patterns of positive and negative religious coping with major
life stressors. Journal for the Scientific Study of Religion, 37, 71–724.
[3]
علم النفس النمو الطفولة والمراهقة، حامد زهران ، ط 5، القاهرة: عالم الكتب،1999،ص29
[4]
دراسات في ماهية التنشئة الاجتماعية، منذر إبراهيم علي، عمان: دار الفكر،2009،ص156.
[5] Ellis، Albert(2001). Overcoming Destructive Beliefs،
Feelings، and Behaviours. New York: Prometheus Books.
0 التعليقات:
إرسال تعليق